
كتب: صلاح هليل
يمثل اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا جديدًا اليوم حول سوريا بعنوان «حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية» محطة لافتة في مسار التعاطي الدولي مع الملف السوري.
ليس فقط من حيث مضمونه، بل من حيث توقيته والسياق السياسي الذي جاء فيه، بوصفه أول قرار من نوعه بعد سقوط النظام، وفق ما أكده مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير إبراهيم علبي.
تحول جذري نحو سوريا
القرار، بحسب القراءة الدبلوماسية، يعكس تحولًا تدريجيًا في الخطاب الأممي تجاه سوريا، إذ يؤكد بشكل صريح على سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها.
ويكرّس مبدأ الملكية والقيادة السورية للعملية السياسية، وهو ما يتقاطع مع مطالب دمشق المتكررة برفض أي مسارات سياسية مفروضة من الخارج أو قائمة على الوصاية الدولية.
وفي بعده السياسي، يحمل القرار إشارات دعم واضحة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية خلال المرحلة الأخيرة.
حيث يرحب بـ إجراء انتخابات مجلس الشعب، ويعتبرها خطوة ضمن مسار إعادة بناء المؤسسات.
كما يشيد بإنشاء هيئات وطنية للعدالة الانتقالية، في اعتراف أممي نادر بجهود داخلية لمعالجة إرث النزاع، بعيدًا عن الآليات الدولية التي لطالما كانت محل خلاف.
أما في الشق الأمني والإقليمي، فإن ترحيب القرار بجهود مكافحة الاتجار بالمخدرات يكتسب أهمية خاصة.
إذ يعكس إدراكًا دوليًا متزايدًا لارتباط الاستقرار في سوريا بأمن الجوار الإقليمي إلى أبعد الحدود.
استعداد أممي
ويشير إلى استعداد أممي للتعامل مع دمشق كشريك محتمل في معالجة قضايا عابرة للحدود، بدل الاكتفاء بسياسات العزل والضغط.
اللافت في القرار أيضًا هو اللغة المتعلقة بالعقوبات، حيث يرحب برفع معظمها، ويشجع على استكمال رفع ما تبقى منها.
في خطوة تحمل دلالات سياسية واقتصادية عميقة، خصوصًا في ظل تنامي القناعة داخل أروقة الأمم المتحدة.
حيث تتزايد بأن العقوبات باتت تشكل عائقًا أمام التعافي وبناء القدرات الوطنية، أكثر مما تمثل أداة ضغط فعالة..
ومن منظور دبلوماسي أوسع، يمكن اعتبار القرار مؤشرًا على تغيّر تدريجي بالمزاج الدولي، دون أن يصل بعد لمستوى التحول الجذري.
فهو لا يعني نهاية الخلافات حول الملف السوري، لكنه يفتح الباب أمام مقاربة أكثر براغماتية، قوامها دعم الاستقرار.
بالإضافة إلى تعزيز الحلول الوطنية، وربط حقوق الإنسان بإعادة بناء الدولة لا بإدامة الصراع.
وبينما يظل تنفيذ مضامين القرار مرهونًا بالتوازنات الدولية والإقليمية، فإن اعتماده بحد ذاته يشكّل رسالة سياسية مزدوجة:
من جهة اعتراف بدور الدولة السورية في إدارة المرحلة المقبلة، ومن جهة أخرى دعوة ضمنية للمجتمع الدولي للانتقال من إدارة الأزمة إلى مرافقة مسار التعافي.
اقرأ أيضًا:
Share this content:















إرسال التعليق