
أ ش أ
أعلنت وزارة الداخلية السورية البدء في «الكشف عن خيوط الحقيقة»، وذلك بعد ساعات من تعهّد الرئيس السوري أحمد الشرع، الاثنين، بمحاسبة «كل من شارك وخطّط» للهجوم الإرهابي الدموي على كنيسة «مار إلياس» شرق دمشق، والذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات،
بيان وزارة الداخلية
بينما أوضحت وزارة الداخلية السورية في بيان لها أنه «استناداً إلى المعلومات الأولية وبتنسيق مشترك مع جهاز الاستخبارات العامة، نفذت وحداتنا الأمنية عمليات دقيقة في حرستا وكفربطنا، استهدفت مواقع لخلايا إرهابية مرتبطة بتنظيم (داعش).
أسفرت هذه العمليات عن اشتباكات تم خلالها القبض على متزعم الخلية وخمسة عناصر، بالإضافة إلى قتل اثنين، أحدهما كان المتورط الرئيسي في تسهيل دخول الانتحاري إلى الكنيسة، علاوة على أن الآخر كان يجهز أيضاً لتنفيذ عمل إرهابي في أحد أحياء العاصمة».
وأكدت الوزارة في بيانها «ضبط كميات من الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى ستر ناسفة وألغام. كما عثر على دراجة نارية مفخخة كانت معدة للتفجير.
وقالت إن «هذه الأعمال الإرهابية الجبانة لن تزيدنا إلا إصراراً على ملاحقة كل من يحاول العبث بأمن الوطن. وردّنا سيكون حازماً ومستمراً ضد أوكار الإرهاب».
بينما الرئيس الشرع قد تقدّم «بأحر التعازي، وأصدق المواساة إلى أسر من قضوا بالتفجير الإجرامي في كنيسة (مار إلياس) الذي أصاب جميع الشعب السوري»، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى.
وقال حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «إن هذه الجريمة البشعة التي استهدفت الأبرياء الآمنين في دور عبادتهم تذكرنا بأهمية التكاتف والوحدة -حكومة وشعباً- في مواجهة كل ما يهدد أمننا واستقرار وطننا».
وأضاف: «نقف اليوم جميعاً صفاً واحداً، رافضين الظلم والإجرام بكل أشكاله، ونعاهد المكلومين بأننا سنواصل الليل بالنهار، مستنفرين كامل أجهزتنا الأمنية المختصة، لضبط كل من شارك وخطّط لهذه الجريمة النكراء، وتقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل».
وارتفعت حصيلة التفجير إلى 25 قتيلاً، و63 جريحاً، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السورية، الاثنين.
ويعدّ هذا الهجوم الاعتداء الأول من نوعه في دمشق منذ إطاحة الحكم السابق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ووصول السلطة الجديدة التي حضها المجتمع الدولي على حماية الأقليات، وإشراكها في إدارة المرحلة الانتقالية.
خوف مشروع
ويخيّم الوجوم على وجوه معظم السكان في دمشق، ويبدي كثيرون مخاوف من عودة مسلسل التفجيرات الانتحارية، والسيارات المفخخة، والاغتيالات.
ويقول رجل سبعيني: «استهدفوا كنيسة، وفي الأيام المقبلة ربما يستهدفون مساجد، وقد يستهدفون الدروز والأكراد القاطنين في دمشق».
ووصف العجوز الذي يعمل في مجال الأبحاث والعلاقات الدولية لـ«الشرق الأوسط» ما حصل بأنه «ضربة كبيرة ومفجعة».
مشدداً على ضرورة «أن تشدد السلطات الإجراءات الأمنية على الكنائس، وكل دور العبادة، والأماكن المزدحمة».
ورصدت «الشرق الأوسط» انتشاراً كبيراً لعناصر الأمن الداخلي في الأحياء والطرقات الرئيسة، مع إجراءات أمنية مشددة.
تنظيم داعش
بينما أوضح الأكاديمي والباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، عبد الرحمن الحاج، أن «ما تضمنه بيان وزارة الداخلية من نسب التفجير إلى انتحاري بتنظيم (داعش) هو استنتاج، وقد أشار إلى ذلك المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا خلال مؤتمره الصحافي».
وعدّ الحاج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، هذا الاستنتاج بأنه «منطقي لعدة أسباب؛ منها أن طبيعة العملية تحمل سمات عمليات (داعش)، والثاني هو أن بيانات (داعش) خلال الفترة الماضية كانت تتضمّن إشارات إلى أنه يخطّط للمواجهة مع الحكم الجديد في دمشق، بالإضافة إلى حديثه المستمر وتهديداته وبياناته المناهضة للرئيس أحمد الشرع بشكل خاص».
وحرص الحاج على توضيح أن «(داعش) أصبح ضعيفاً في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، ولم يستطع القيام بعمليات ذات قيمة، وهذا يعني أنه غير قادر على تجميع نفسه، خصوصاً أن هناك عملاً متواصلاً من قِبل جهازي الأمن الداخلي والاستخبارات لتتبع عملياته وخيوطه، وهما أدرى به.
والأمر الآخر أن التنظيم ضعف على مستوى التمويل بشكل كبير جداً، فانخفضت عملياته بشكل ملحوظ منذ التغيير السوري في الثامن من ديسمبر العام الماضي، خصوصاً في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة».
وخلال الفترة الماضية ألقت السلطات الأمنية السورية القبض على العديد من خلايا «داعش» في مناطق مدنية حضرية في عدد من المحافظات، وحصلت اشتباكات مع بعضها، فيما بدا أن التنظيم يركز على تلك المناطق؛ لأن ذلك يساعده على الاختباء.
بينما أشار الباحث إلى «أن التنظيم يحاول القيام بعمليات في أماكن لها طابع ديني، ويمكن أن تثير المجتمع على الحكم المركزي… وقبل استهداف الكنيسة حاول استهداف مقام السيدة زينب بريف دمشق الجنوبي الشرقي».
وفقاً للحاج «فإن السلطات السورية الجديدة أثبتت خلال الفترة الماضية أنها استطاعت بالفعل تفكيك عدة خلايا واستباق عمليات مثل عملية السيدة زينب، وبالتالي هي تمتلك الإمكانيات، ولكن استراتيجية الذئاب المنفردة التي يعمل بها التنظيم ليست قابلة للضبط والرصد دائماً».
Share this content:
إرسال التعليق