رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

انفراد وحوار مع البطل عبد المعطي عبد الله صائد دبابات العدو لـ ” نبض الشارع “

19 أكتوبر 2025 10:56 ص 0 تعليق
البطل عبد المعطي عبد الله صائد دبابات العدو
البطل عبد المعطي عبد الله صائد دبابات العدو

البطل عبد المعطي عبد الله صائد دبابات العدو في حرب أكتوبر من الأسماء العظيمة التي تذكر عندما تذكر دبابات العدو الاسرائيلي.

ونحن نمر بالذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، قررنا عمل لقاء معه، فلربما نستذكر بعض الذي أنساه لنا الزمان.

فقد عاش البطل حربًا خالدة، وهو نموذج رائع للجندي المصري، كانت دبابات العدو تخشاه، تشم رائحته فتسرع مبتعدة.

ولكنه بجدارة واستحقاق يسحبها ويجرها جراً كفأر مذعور، فالمقاتل المصري لم ترهبه أسلحة العدو الحديثة أو حصونه المنيعة أو طائراته المقاتلة، حيث صان كرامة وطنه بكفاءة عالية .

كان عمره أثناء العبور الواحد والعشرين عاماً، لديه من الأولاد ولدان وبنتان، وهو حاصل على الثانوية العامة.

البطل عبد المعطي عبد الله عيسى، الشهير بصائد الدبابات، من مواليد كوم الضبع بمركز الباجور بمحافظة المنوفية، في التاسع والعشرين من شهر أغسطس عام 1952.

وقد كان هذا اللقاء لنتعرف منه على تجربته الفريدة في اصطياد دبابات العدو، ومواضيع أخرى نتعرف عليها في حينها .

** بعد تطوعي بالقوات المسلحة، حصلت على فرقة الصاعقة في شهر فبراير عام 1970، وبعد تدريبي على الصواريخ المضادة للدبابات التحقت بسلاح المظلات .. وحصلت على فرقة القفز الأساسية في السابع والعشرين من نوفمبر عام 1972 وجاء ترتيبي الثاني، وكانت بداية قوية .

** عندما عبرنا قناة السويس تقدمت مع مجموعة داخل سيناء، فإذا بمجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقترب .. فعلى الفور أصدر القائد البطل صلاح عبد السلام حواش رحمه الله أوامره بالتعامل معها.

وبفضل الله تعالى تمكنت من تدمير دبابتين، وكانت هذه البداية، وفى صباح يوم الثامن من شهر أكتوبر.

ولكن قامت القوات الإسرائيلية بهجوم مضاد، فصدرت الأوامر بأن نتحرك إلى منطقة وادى النخيل.

وأثناء الهجوم الإسرائيلي المضاد قمنا بإرسال طوفان من الصواريخ على الدبابات الإسرائيلية، وتمكنا من تدمير23 دبابة إسرائيلية كان نصيبي منها سبع دبابات .

** لقد وقع علينا الخبر كالصاعقة، وحزنت أنا ورفاقي كثيراً، ولذا قررنا الأخذ بالثأر .. وبالفعل تحقق هذا عندما تمكنا من تدمير اللواء 190 المدرع الاسرائيلي الذى كان يقوده عساف ياجوري.

وبفضل الله تعالى تمكنت من تدمير عشر دبابات إسرائيلية، وتمكن زميلي البطل محمد المصري من تدمير دبابة عساف ياجوري، وتم أسره مع مجموعة من جنوده .

** كنا قريبين جداً من الجبهة قبل الحرب، فيوم الرابع من أكتوبر تحركنا للجبهة على شط القناة في نقطة الفردان بالإسماعيلية، للاستعداد للهجوم على خطوط العدو.

ويوم الخامس من أكتوبر كان يوم سكون كامل، وهو السكون الذي يسبق العاصفة، وكنا نراقب العدو باستمرار .

** قبل العبور بحوالي الأسبوع كنا نستطلع أماكن العدو، كان هناك بعض أفراد العدو يستفزوننا بجميع الأشكال، بعبارات وأفعال .. وهذا كان يغضبنا إلى حد كبير، ودعونا ربنا أن يمكنا من هؤلاء، وربنا سبحانه وتعالى استجاب لدعائنا ومكنا منهم خير تمكين .

** كان هذا على مستوى قائد السرايا، وكان هذا مساء يوم العبور السادس من أكتوبر .  

** يوم السادس من أكتوبر كان الجميع في حالة استرخاء كامل، فمنا من كان يلعب الكرة، والبعض يقوم بغسل ملابسه، والبعض يلهو، وآخرون مستلقون في حالة استرخاء كامل.

وفي الساعة الثانية إلا خمس دقائق لم يتواجد أحد منا، فقد اختفى الجميع للاستعداد للمعركة الحاسمة .. وجاءت ساعة الصفر، ففي الساعة الثانية بالضبط رأينا وسمعنا نسورنا وهو يعبرون من فوقنا .. وارتفعت أبصارنا للسماء مرددين الله أكبر، وبعد رجوع الطيران المصري بدأنا في العبور حوالي الساعة الثانية وخمس دقائق تقريباً، وكان ذلك عن طريق القوارب المطاطية .

** هذا كان بمثابة الحلم، فقد كان يقابلنا أربع موانع كبيرة في طريق عبورنا، الأول، وهو المانع المائي لقناة السويس بعرض مائتي متر، وهو أكبر مانع مائي عرفه العالم.

والمانع الثاني هو الساتر الترابي المعروف بخط بارليف، والثالث هو المانع النفسي بعد نكسة عام 67 والحمد لله فقد تغلبنا عليه .. والمانع الأخير هو النابالم، وهو الذي كان سيحول القناة إلى جحيم، لولا براعة المهندسين العسكريين المصريين .

** كان ذلك قبل العبور بأيام قليلة، لكي لا يقدرون على فعل شيء إذا علموا بهذا الأمر .

** كنا نعبر القناة خلف خطوط العدو بعدة كيلومترات، وكنا نؤمن المهندسين العسكريين، وكان معهم خريطة تفصيلية بأنابيب النابالم .. ويقوموا بفك ما قبل نهاية الماسورة، ويتم غلق الماسورة بخلطة خرسانية.

كنا نحمل مكوناتها من الضفة الغربية للقناة، ويتم إرجاع الماسورة إلى مكانها الطبيعي، كأن لم يحدث أي شيء .

** كانوا في غيبوبة، لقد أعماهم التمويه المصري، علاوة على أن سيناء مترامية الأطراف وكان من الصعب بسط معرفتهم على كامل المكان، فكنا نقوم بعمليات الاستنزاف بسهولة خلف خطوط العدو .

** كنا مجموعة اقتناص دبابات، عبرنا حوالي الساعة الثانية وخمس دقائق، وكانت نقطة الفردان القوية بالإسماعيلية هي أول أهدافنا، هذه النقطة كان لا يمكن اقتحامها بأي شيء، فهي محصنة تحصيناً كاملاً,

فهي موجودة تحت سطح الأرض وفوقها أعمدة السكة الحديد التي كانوا يخلعونها من أجل تدعيم الدشمة، فتم محاصرتها بطقم واحد فقط لمنع الإمدادات لها .. والباقون استكملوا التقدم داخل سيناء، وبعد اسبوع استسلمت النقطة الحصينة لنا .

** كان بها تسعة وثلاثون إسرائيلي ما بين جندي وضابط، وكان يوجد حوالي ثلاثة عشر دبابة، هذا غير المدفعية وبعض الأسلحة الخفيفة ونصف الثقيلة .

** حكايتي مع الدبابات حكاية لا توصف، أنا أرى دبابة العدو لا أستريح – يركبني ستين عفريت – ولا أستريح إلا وأجعلها جثة هامدة . 

** تسليحي الشخصي كان آلي وصواريخ موليتكا، والمعروفة بصواريخ  فهد، ويتم توجيه الصاروخ إلى دبابة العدو باليد عن بعد عن طريق سلك يتواصل بين الصاروخ وقاعدة الصاروخ المثبتة على الأرض .      

** 26 دبابة داخل سيناء، علاوة على 2 بلدوزر وعربة نقل جنود كانت مليئة بالجنود أثناء الثغرة .

** نعم .

** اليهود كانوا محاصرين بيننا وبين الجيش الثالث، وكانوا لا يستطيعون التقدم وإلا سيتم إبادتهم، وكل ما يقال عن الثغرة من أنهم قادرين على الدخول للقاهرة أمر عار تماماً من الصحة .

** شعوري كان في غاية السعادة وأنا أرى العدو مذعوراً من هول المفاجئة، وعندما أرى دبابة للعدو تحترق أزداد سعادة، وأطلب منها المزيد لأجعلها حطاماً في ثوان معدودة .

** وهل هذا موقف ينسى ؟ لقد أطلقت عليها الصاروخ ما بين البرج وجسم الدبابة – وهي أضعف منطقة في الدبابة – في لحظة لاحظت الدخان يتصاعد، ثم النيران تبدأ في الظهور في مشهد لن أنساه، ثم انخلع برج الدبابة من جسمها تماماً .

** طبعاً، أنا كنت ضمن اللواء 120 وهو كان يوجهنا دائماً للعمليات داخل سيناء، وكان تواجدنا حيث دبابات العدو، وكانت التعليمات بإحداث أكبر خسائر للعدو في دباباته وأفراده .

** في وادي النخيل كانت دبابات للعدو تتواجد بكثرة، فتم إصدار الأوامر لنا بالتعامل مع العدو من قبل المقدم صلاح عبد السلام الحواش رحمه الله .. كان معنا عدد 26 صاروخ و2 أربيجيه فقط، وكان عدد دبابات العدو 23 دبابة.

فأردنا أن لا نفقد صاروخ من غير أن يحقق مراده في تدمير دبابة للعدو، فضربنا أول دبابة في سرب العدو .. فتوقف السرب تماماً عن السير، خاصة وأن المدق الذي يسيرون فيه كان على جانبيه منطقة طينية صعب النزول فيها بالدبابات.

ثم بدأنا نتعامل مع الباقين حتى أنهينا عليهم تماماً، ثم تم اكتشاف موقعنا من قبل العدو، فتم حصارنا بأربع دبابات من بدبات العدو .. ماذا نصنع ولدينا فقط عدد 2 أربي جيه وصاروخان فقط ؟ والحمد لله تم تصفيتهم جميعاً.

** إطلاقاً، فقد قامت صواريخ دفاعنا الجوي سام 6 وسام7 بالتعامل معها، فكانت تأتي إلينا وهي على مستوى مرتفع جداً .. وكانت تلقي حمولتها بعيداً وتهرب، لأن معظمهم كانوا مرتزقة، ولا يدافعون عن هدف أسمى لهم، بعكسنا نحن .

** كثير جداً .

** كان صديق الله يرحمه، ولكنه كان من كتيبة أخرى .

** كان رصيده 23 دبابة، وكان يضرب دبابات العدو من مصاطب في الضفة الغربية للقناة، لأن الصواريخ كان مداها المؤثر ثلاثة كيلو مترات، ثم بعد ذلك واصل عملياته داخل سيناء .

** لا، أنا ترتيبي الثاني، فالأول المقاتل محمد عبد المنعم إبراهيم المصري، فقد دمر 27 دبابة للعدو .

** لم أوافق على هذا القرار، بسبب رغبتنا في مواصلة التقدم تجاه العدو، ولكن في النهاية هذا قرار قادتنا ولابد من تنفيذه، لأن الجانب الأمريكي كان يساعد إسرائيل بشكل كبير، حتى أننا وجدنا دبابات للعدو لم تسير سوى 150 كيلو متر فقط !!

** رجل كان سابق عصره بكثير .

** أعمل لبلدي أولاً، وبعد هذا أطلب منها .

** طبعاً لا .

** بلدنا تحتاج إلى الكثير منا لكي تقف على قدميها مرة أخرى .

** تم تكريمي مع آخرين في جلسة مجلس الشعب يوم التاسع عشر من شهر فبراير عام 1974 وهي جلسة تاريخية .. ومنحنى الرئيس البطل محمد أنور السادات وسام نجمة سيناء، وهو أعلى الأوسمة العسكرية في الجيش المصري.

كما منحنى الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وسام الشجاعة الليبي، وهو أعلى الأوسمة العسكرية في ليبيا .

كما كنت مكرم مع آخرين من اللواء يوسف صبري أبو طالب مدير مدفعية القوات المسلحة آنذاك، وأيضا كرمنا الفريق محمد عبد الغنى الجمسي.

وأيضا تم تكريمنا من سلاح المظلات والشئون المعنوية للقوات المسلحة، علاوة على التكريم الإعلامي في العديد من المنصات الإعلامية .

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري