
أعدها: الشيخ علي بركات
يعتبر مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أهم المناسبات التي يحتفل بها المسلمون في جميع أنحاء العالم، حيث يعبرون عن حبهم وتقديرهم لشخصه الكريم.
ولد النبي صلى الله عليه وسلم بالثاني عشر من شهر ربيع الأول، وهو التاريخ الذي أجمعت عليه أغلب الروايات التاريخية، وبضع أيام تفصلنا عن هذه الذكرى العطرة.
تأتي هذه المناسبة كفرصة للتذكير بسيرته العطرة وأخلاقه العظيمة التي أضاءت العالم بالعدل والرحمة.
المسلمون يحتفلون بهذا اليوم من خلال إقامة الفعاليات الدينية، مثل قراءة القرآن الكريم، وإلقاء المحاضرات والخطب التي تتناول سيرته ومآثره.
وكذلك تقديم الطعام والصدقات للفقراء والمحتاجين، تعبيراً عن قيم الرحمة والتكافل التي غرسها النبي صلى الله عليه وسلم في أمته.
وقد شهد النبي إشادة من شخصيات بارزة عبر التاريخ، حتى من غير المسلمين، الذين أقروا بعظمة أخلاقه وتأثيره الكبير بالعالم.
هذه الشهادات تأتي لتؤكد صدق دعوته ونبله، وتجعل من سيرته نموذجاً يحتذى به في التسامح والإخاء.
إن مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو فرصة للتأمل في رسالته السامية التي تدعو إلى الإيمان بالله والعمل الصالح ونشر الخير بين الناس.
محمد صلى الله عليه وسلم هو أحد أعظم الشخصيات التي عرفها التاريخ، وقد شهد له بذلك العديد من المفكرين والمؤرخين عبر العصور.
ويتفق الكثيرون على أن سيرته العطرة وتشريعاته الخالدة تمثل نموذجًا فريدًا للحكمة والرحمة والعدل، مما يجعل تأثيره ممتدًا ليومنا هذا.
هذا بعض وليس كل من نهلوا من سيرته العطرة من فلاسفة العالم، نعرضه اليوم بمناسبة مولده الكريم صلى الله عليه وسلم.
لامارتين
يبرز الكاتب الفرنسي لامارتين في كتابه “تاريخ تركيا” جوانب متعددة من حياة النبي، مثل قيادته الحكيمة، قدراته الخطابية، وشجاعته في مواجهة التحديات.
كما يشير لنجاحه في تأسيس إمبراطوريات مادية وروحانية، وإرساء عقيدة توحيدية قائمة على الإيمان بوحدانية الله وتنزيهه عن صفات المخلوقات.
لامارتين يسلط الضوء على تميز النبي في تحقيق أهدافه النبيلة رغم قلة الوسائل المتاحة له.
ويبرز دوره في القضاء على المعتقدات الباطلة ونشر الإيمان الصحيح باستخدام السيف حينًا والحكمة والموعظة الحسنة حينًا آخر.
كما يشير أن طموح النبي كان موجهًا بالكامل نحو تحقيق رسالته السماوية، بعيدًا عن السعي وراء المكاسب الدنيوية أو بناء إمبراطوريات شخصية.
ويبرز الكاتب أيضًا الجانب الروحي للنبي محمد من خلال صبره وتوكله على الله، وصلاته الدائمة.
علاوة على يقينه الصادق الذي كان مصدر قوته في مواجهة التحديات.
ويشير أن النبي لم يكن مجرد قائد سياسي أو عسكري، بل كان فيلسوفًا ومشرعًا ومؤسسًا لفكر يدعو لعبادة الله وحده.
ويتساءل لامارتين بصيغة بلاغية: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد – صلى الله عليه وسلم؟
هذا السؤال يعكس اعتراف الكاتب بعظمة النبي وتأثيره الفريد على البشرية، ويظهر احترامه العميق لشخصيته ولرسالته.
غاندي
بينما المهاتما غاندي، الزعيم الهندي الذي اشتهر بنضاله السلمي ضد الاستعمار البريطاني، عبّر عن إعجابه العميق بشخصية الرسول محمد ﷺ.
في كلماته، أشار غاندي إلى أنه أراد أن يكتشف سر التأثير الهائل الذي تركه الرسول الكريم على ملايين البشر.
وبالبحث والتأمل، أدرك أن هذا التأثير لم يكن نتيجة القوة أو السيف، بل كان نتاجاً لصفات شخصية عظيمة تجسدت في الرسول.
غاندي تحدث عن بساطة الرسول ﷺ، وعن دقته في الوفاء بالوعود، وعن إخلاصه وتفانيه لأصدقائه وأتباعه.
كما أشار إلى شجاعته وثقته المطلقة بالله وبرسالته التي حملها للبشرية كلها دون تخصيص.
هذه الصفات، وفقاً لغاندي، هي التي مهدت الطريق للإسلام ليصبح ديناً عالمياً ويتجاوز المصاعب والتحديات.
غاندي ختم كلامه بالإشارة لشعوره بالأسف لعدم وجود المزيد من المصادر التي تمكنا من التعرف أكثر على حياة الرسول.
هذا يعكس مدى إعجابه بشخصيته ورغبته في فهم عمق تأثيره على العالم.
كلمات غاندي ليست مجرد إشادة بشخصية الرسول الكريم، بل هي دعوة للتأمل في القيم الإنسانية التي جسدها والتي يمكن أن تكون مصدر إلهام للعالم بأسره.
برناردشو: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد
برنارد شو، الكاتب والمفكر البريطاني الشهير، عبّر عن إعجابه العميق بشخصية النبي محمد صلى الله عليه وس.
مشيراً إلى أنه وجد في تفكيره وحكمته ما يمكن أن يكون حلاً للعديد من المشكلات التي تواجه البشرية.
في كتابه “محمد”، الذي أحرقت السلطات البريطانية نسخه، أكد شو أن العالم بحاجة إلى رجل مثل محمد في تفكيره ورؤيته.
وأوضح أن رجال الدين في العصور الوسطى، بسبب الجهل أو التعصب، قد شوّهوا صورة الإسلام والنبي محمد، واعتبروه عدواً للمسيحية.
لكن برنارد شو، بعد اطلاعه على سيرة النبي ودراسة حياته، توصل إلى نتيجة مختلفة تماماً.
فقد رأى أن النبي محمد لم يكن عدواً للمسيحية، بل شخصاً يمكن اعتباره منقذاً للبشرية بأسرها.
وأضاف شو أنه لو أتيحت للنبي محمد فرصة قيادة العالم اليوم، لتمكن من حل العديد من المشكلات المعقدة التي تواجه الإنسانية، ولحقق السلام والسعادة التي يتطلع إليها البشر.
هذه الكلمات تظهر التقدير الكبير الذي كان يكنّه برنارد شو للنبي محمد، وتعكس رؤيته العميقة لشخصيته وتأثيره التاريخي.
توماس كارليل
أما الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل، فيدافع بشدة عن صدق الإسلام ويدحض الاتهامات التي تصف الدين بالكذب والنبي بالخداع.
يشيد كارليل بالنبي محمد ويصفه بأنه رجل عظيم بفطرته، صادق النية، كريم، رؤوف، وتقي، وهو لم يتعلم في مدرسة أو على يد معلم ولكنه كان غنيًا بفطرته وعبقريته.
ويختم حديثه بتأكيد أن هذه الصفات هي ما تصنع العظمة والبطولة والعبقرية.
وهو يعكس اعترافًا بقيمة النبي محمد وتأثيره الإيجابي على الإنسانية، ويبرز احترام هؤلاء المفكرين لشخصيته وصفاته النبيلة.
جوتة: أهل أوربا بجميع مفاهيمها لم تصل بعد إلى ما وصل إليه محمد
هو أحد أعظم الأدباء والفلاسفة في التاريخ الأوروبي، يعترف بأن النبي محمد قد بلغ مستوى من الحكمة والقيادة لم تصل إليه الحضارة الأوروبية بمفاهيمها المختلفة.
النبي محمد لم يكن فقط رسولاً ينقل رسالة التوحيد، بل كان قائدًا حكيمًا استطاع أن يؤثر في قلوب الناس وعقولهم.
علاوة على انه أسس حضارة قائمة على قيم العدالة والمساواة والإيمان بالله.
ما يميز هذه الشهادة من جوته هو أنها تأتي من شخص غير مسلم، مما يضفي عليها مصداقية إضافية لأنها تعبر عن تقدير موضوعي بعيد عن أي انحياز ديني.
هذه الكلمات تؤكد أن رسالة الإسلام التي جاء بها النبي محمد لم تكن مجرد دعوة دينية، بل كانت ثورة أخلاقية وفكرية واجتماعية غيّرت مسار البشرية.
كلمة التوحيد التي دعا إليها النبي محمد كانت المفتاح لتوحيد القلوب والعقول، وبناء مجتمع قائم على أساس الإيمان بالله الواحد، والتعاون بين الناس لتحقيق الخير والعدالة.
إن اعتراف جوته بعظمة النبي محمد يعكس تأثير الإسلام العالمي الذي امتد ليصل إلى مختلف الثقافات والحضارات، وأثبت أنه دين يتجاوز الحدود الجغرافية والعرقية.
زيجرد هونكة
في سياق الحديث عن عظمة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – نجد أن الدكتورة زيجرد هونكة، وهي باحثة ألمانية، قد أشارت إلى أنه كان بمثابة “شمس الله على الغرب”.
تعبيرًا عن تأثير الإسلام وحضارته التي ساهمت في النهضة الفكرية والعلمية في أوروبا.
هذه الشهادة تأتي من شخصية غربية، مما يؤكد عالمية رسالة النبي محمد وتأثيرها الذي تجاوز حدود الزمان والمكان.
إن سيرته الطاهرة مليئة بالعبر والدروس التي يمكن أن يستفيد منها أي إنسان، بغض النظر عن دينه أو ثقافته.
فقد كان مثالاً في الصدق والأمانة والتواضع، وقاد أمته بحكمة وعدل، وأرسى قواعد مجتمعية قائمة على المساواة والرحمة واحترام حقوق الإنسان.
أما تشريعه الخالد، فقد وضع أسسًا متينة للحياة الإنسانية، تشمل جميع جوانبها الروحية والاجتماعية والاقتصادية.
هذه التشريعات لم تكن مجرد قوانين، بل كانت نظام حياة يهدف إلى تحقيق السعادة والرفاهية للبشرية جمعاء.
إن شهادة الدكتورة هونكة وغيرها من المفكرين الغربيين تعكس اعترافًا عالميًا بعظمة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – ودوره في تغيير مجرى التاريخ.
وهذا يدعونا إلى التأمل في سيرته والاستفادة منها كمنارة تهدي الإنسانية نحو الخير والسلام.
مارسيل بوازار: رسالة محمد غيرت مجرى التاريخ
بينما مارسيل بوازار، وهو كاتب ومفكر سويسري، يظهر صورة مشرقة لشخصية النبي محمد – صلى الله عليه وسلم .
حيث يبرز دوره ليس فقط كمبشر بالدين الإسلامي، بل أيضاً كقائد سياسي استطاع أن يحدث تغييرات جذرية في مجرى التاريخ.
منذ استقراره في المدينة، أصبحت حياته جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي.
وسجلت أفعاله وتصرفاته بدقة، مما يعكس تنظيمه وحيويته في بناء المجتمع الإسلامي.
كما يبرز الجانب القيادي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث يظهر كقائد عظيم يتميز بالرأفة والعدل.
كمت يظهر مهاراته السياسية التي تعاملت مع الجميع بإنصاف ومنحت كل ذي حق حقه.
ومن خلال دبلوماسيته ونزاهته، استطاع أن يحصل على الاعتراف بالجماعة الإسلامية عبر المعاهدات، بالتزامن مع تحقيق الانتصارات العسكرية.
كما يظهر تقديراً عميقاً لشخصية النبي محمد ويصفه بأنه إنسان فوق مستوى البشر، مما يجعله نبياً حقيقياً مرسلاً من الله.
هذه الصورة التي رسمها الكاتب تبرز الجوانب الإنسانية والقيادية للنبي، وتؤكد على تأثيره العميق في تشكيل التاريخ والمجتمع الإسلامي.
تولستوي: يكفى محمداً فخراً أنه خلص أمة ذليلة من مخالب العادات الذميمة
يعتبر الروسي تولستوي من أبرز الأدباء العالميين الذين عبّروا عن إعجابهم بشخصية النبي محمد ﷺ وتأثيره العميق على البشرية.
يظهر تولستوي تقديره لدور النبي محمد ﷺ في تحرير أمة كانت تعاني من الذل والدموية، وإرشادها نحو طريق الرقي والتقدم.
كما يسلّط الضوء على انسجام شريعة الإسلام مع العقل والحكمة، مما يجعلها جديرة بالانتشار والقبول على نطاق عالمي.
هذا الرأي يعكس فهمًا عميقًا لقيم الإسلام وتأثيره الإيجابي على المجتمعات الإنسانية.
فهو ليس مجرد شهادة على عظمة النبي محمد ﷺ، بل أيضًا دعوة للتأمل في المبادئ التي جاء بها الإسلام وكيف ساهمت في تحسين حياة الناس على مر العصور.
Share this content:
إرسال التعليق