رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة .. الإفتاء المصرية تحسم القضية

3 يونيو 2025 2:20 م 0 تعليق
حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة
حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة

كتب: علي بركات

ما حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة ؟ .. سؤال يتم طرحه هذه الأيام المباركة من العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .

فهناك رجلٌ يريد أن يشترك مع والده في الأضحية بشاةٍ واحدةٍ، على أن يدفع كلّ واحدٍ منهما نصفَ الثمن ويكون له نصفها، فهل تجزئ عنهما تلك الأضحية على هذا النحو؟

الأضحية شعيرةٌ مِن شعائر الدِّين، ومَعْلَمٌ مِن معالِمِه الثابتة، قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36].

وعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الإمامان: الترمذي في “سننه” واللفظ له، والبيهقي في “شعب الإيمان”.

والأضحية على المختار للفتوى سنَّةٌ مؤكدة، فَعَلها النبي وأَمَر بها ورَغَّب فيها أصحابه، فعن أنس رضي الله عنه قال:

«ضَحَّى النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَه عَلَى صِفَاحِهِمَا» متفقٌ عليه.

ومن المقرر شرعًا أنَّ الأضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، والبقر، والغنم بنوعيه (المَعْز، والضأن)، وهو ما اتفق عليه جماهير الفقهاء سلفًا وخلفًا.

المراد بالاشتراك الوارد في السؤال هو مشاركة طرفين أو أكثر في دفع ثمن الأضحية.

بحيث يكون لكلِّ واحدٍ نصيبٌ معلومٌ “لأن الاشتراك في الثمن يوجب أن يكون لكلِّ واحدٍ قسطٌ من اللحم”.

وقد اتفق الفقهاء على أنَّ مَن ضحَّى بشاةٍ مِن الغنم لم يجز لغيره أن يشترك معه في دفع قيمتها بغرض الإجزاء عنهما في نسكِ الأضحية.

بحيث يكون لكلٍّ منهما فيها جزءٌ ويكون هذا الجزء أضحية عنه، ولو فَعَلَا ذلك لم تجزئ عنهما ولا يعدَّان مضحِّيَين في حقيقة الأمر.

وإنما لا بد أن يَمْلِك المضحي الواحد الشاةَ كلَّها مِلكًا تامًّا، لا قسمةَ فيها ولا اشتراك في أجزائها.

قال الإمام ابن رشْد الحفيد في “بداية المجتهد” (2/ 196، ط. دار الحديث): [اتفقوا على مَنْعِ الاشتراك في الضأن] اهـ.

ومن هذا يتبيَّن أنَّ الابن المذكور – سواء كان مستقلًّا بحياته ونفقته الخاصة عن أبيه أو لم يكن كذلك بل لا يزال في بيته وتحت نفقته – لا يجزئه أن يضحي بالاشتراك مع والده في شاةٍ واحدةٍ، بحيث يكون لكلِّ واحدٍ منهما جزءٌ منها؛ لأن الشاة لا تتجزأ، وإن أراد أن يضحي فإن عليه أن يستقلَّ لنفسه بشاة.

ما يرغب فيه الرجل المذكور من الاشتراك مع والده في الأضحية بشاةٍ واحدةٍ، على أن يدفع كلّ واحدٍ منهما نصفَ ثمن الشاة ويكون له نصفها -لا يجزئ عنهما كأضحية.

لأن الشاة الواحدة لا قسمة فيها، ولا تجزئ إلا عن شخص واحد .. والله سبحانه وتعالى أعلم.

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري