رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

حكم صيام يوم عاشوراء .. وماذا لو وافق يوم الجمعة؟ .. الإفتاء المصرية تُجيب

1 يوليو 2025 9:32 م 0 تعليق
دار الإفتاء وحكم صوم عاشوراء
دار الإفتاء وحكم صوم عاشوراء

كتب: علي بركات

يسأل كثيرون عن فضل صوم يوم عاشوراء، وحكم صومه لو وافق يوم الجمعة، فهل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام في هذه الحالة؟

ودار الإفتاء المصرية تجيب عن هذا التساؤل:

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وصيامه سنة فعلية وقولية عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ويترتب على فعل هذه السّنَّة تكفير ذنوب السَّنَة التي قبله.

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهمَا أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهودَ تَصوم يَوْمَ عَاشورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى الله بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدوِّهِمْ، فَصَامَه موسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقّ بِموسَى مِنْكمْ»، فَصَامَه، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري.

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها: “أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم عاشوراء”. أخرجه مسلم في “صحيحه”.

وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

«صِيَام يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِب عَلَى اللهِ أَنْ يكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَه، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَه، وَصِيَام يَوْمِ عَاشورَاءَ، أَحْتَسِب عَلَى اللهِ أَنْ يكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَه» أخرجه مسلم.

أما عن صوم يوم الجمعة منفردًا فإنه مكروهٌ عند جمهور الفقهاء من الحنفية – في معتمد المذهب- والشافعية والحنابلة.

إلا لمن يتخذ ذلك عادةً له؛ كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو إذا وافق يوم الجمعة صوم نافلة كيوم عاشوراء .. وغير ذلك من صوم النافلة.

قال الإمام الشّرنْبلَالِي الحنفي في “مراقي الفلاح” (ص: 237، ط. المكتبة العصرية):

[(وكره إفراد يوم الجمعة) بالصوم.. (إلا أن يوافق “ذلك اليوم” عادته)؛ لفوات علة الكراهة بصوم معتاده] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في “حاشيته على الدر المختار” (2/ 164، ط. دار الفكر) في خصوص كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم:

[(قوله ويكره إفراده بالصوم) هو المعتمد وقد أمر به أولًا ثم نهى عنه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في “المجموع” (6/ 437، ط. دار الفكر):

[قال أصحابنا: يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم؛ فإن وصله بصوم قبله أو بعده، أو وافق عادة له بأن نذر صوم يوم شفاء مريضه، أو قدوم زيد أبدًا فوافق الجمعة لم يكره] اهـ.

بينما قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (3/ 170، ط. مكتبة القاهرة):

[فصل: ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه، مثل مَن يصوم يومًا ويفطر يومًا فيوافق صومه يوم الجمعة، ومَن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك] اهـ.

بينما ذهب المالكية إلى القول بجواز إفراد يوم الجمعة بالصيام.

قال العلامة ابن عرفة المالكي في “المختصر الفقهي” (2/ 97، ط. مؤسسة خلف الحبتور): [وأجاز مالك صوم الجمعة منفردًا] اهـ.

النهي الوارد عن إفراد يوم الجمعة بالصيام

أما ما ذكره الفقهاء من كراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام؛ فذلك لِما ورد في السنة النبوية المطهرة من النهي عن ذلك .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال:

سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: «لَا يَصومَنَّ أَحَدكمْ يَوْمَ الجمعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَه أَوْ بَعْدَه» متفقٌ عليه.

وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنه سئل: عن نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم يوم الجمعة؛ فقال: «نَعَم» .. متفق عليه.

وقد فهم شراح الأحاديث أن النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام الوارد في هذين الحديثين، وغيرهما من الأحاديث لا يشمل من كانت له عادة كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا من يصوم يوم عاشوراء، وما شابهه من صيام النوافل.

بينما قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” (8/ 19، ط. دار إحياء التراث):

[وفي هذه الأحاديث: الدلالة الظاهرة لقول جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم: أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم .. إلا أن يوافق عادة له، فإن وَصَله بيوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبدًا فوافق يوم الجمعة لم يكره] اهـ.

وفي ذلك دلالة على جواز إفراد يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عاشوراء، وأنه غير داخل في الكراهة إذا كان له عادة في ذلك.

بناءً على ما سبق: فلو وافق يوم عاشوراء يوم جمعة، فصيامه مشروع بلا كراهة؛ لأن نيَّة الصائم صوم عاشوراء لا الجمعة.

ولأن النهي عن صوم يوم الجمعة مخصوصٌ بما لم تكن للإنسان عادة أو وافق صومًا واجبًا أو مندوبًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري