رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

ماذا يفعل من يغفل عن صلاة الجمعة بسبب النوم؟ .. الإفتاء توضح الأمر   

21 نوفمبر 2025 8:22 ص 0 تعليق
حكم من ترك صلاة الجمعة
حكم من ترك صلاة الجمعة

كتب: طه عبد السميع

قد يغفل البعض منا عن صلاة الجمعة بسبب النوم، فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ .. خاصة وأن هذه الصلاة لها أهمية خاصة عند المسلمين في كل مكان.

فقد يسأل سائل: نمت ليلة الجمعة متعبًا بسبب عملي فلم أستيقظ إلَّا بعد صلاة الجمعة؛ فهل يقع عليَّ إثم في هذه الحالة؟ وما الواجب عليَّ حينئذٍ؟

تقول دار الإفتاء المصرية: صلاة الجمعة من أعظم الشعائر الإسلامية التي فرضها الله تعالى على المسلمين، وهي تجمع بين العبادة والتواصل الاجتماعي .. مما يعزز الترابط بين أفراد الأمة الإسلامية.

وقد جاءت النصوص الشرعية من القرآن والسنة النبوية تؤكد أهميتها ووجوبها.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9].

وهذه الآية تحمل دلالة واضحة على وجوب السعي إلى صلاة الجمعة وترك الانشغال بالدنيا أثناء وقتها.

كما أكدت السنة النبوية على وجوب صلاة الجمعة في جماعة .. فقد روى النسائي عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رَوَاح الْجمعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كلِّ محْتَلِمٍ».

وفي حديث آخر رواه أبو داود والحاكم عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْجمعَة حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كلِّ مسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ».

وقد حذر الشرع من التهاون في أداء صلاة الجمعة لمن وجبت عليه، فجاء في الحديث الذي رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«مَنْ كَانَ يؤْمِن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجمعَة يَوْمَ الْجمعَةِ إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيّ أَوْ مَمْلوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللَّه عَنْه، وَاللَّه غَنِيّ حمَيْدٌ».

إن صلاة الجمعة ليست مجرد عبادة فردية، بل هي تجمع أسبوعي يهدف إلى تعزيز الوحدة بين المسلمين، وتذكيرهم بدينهم وأخلاقهم.

وينبغي على كل مسلم أن يحرص على أدائها في جماعة، وأن يبتعد عن أي عذر غير شرعي يمنعه من حضورها.

يجوز ترك صلاة الجمعة بسبب غلبة النوم إذا كان الشخص عاجزًا عن دفعه، كما ذكر العلماء من الشافعية والحنابلة.

وقد أشار ابن حجر الهيتمي في “تحفة المحتاج” والشبراملسي في “حاشيته على نهاية المحتاج” إلى أن غلبة النوم تُعتبر عذرًا مقبولًا لترك الجمعة.

وأكد الحضرمي في “شرح المقدمة الحضرمية” أن غلبة النوم تُعتبر من الأعذار التي تمنع الإثم أو الكراهة.

أما إذا فاتت صلاة الجمعة بسبب النوم أو أي عذر آخر، فيجب على المسلم قضاؤها بالإجماع، كما بيّن العلماء.

واستدلوا بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، مثل حديث «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتهَا أَنْ يصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» الذي رواه مسلم.

وحديث «إِنَّه لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيط فِي اليَقَظَةِ» الذي رواه الترمذي.

وبالتالي، إذا غلب النوم المسلم ومنعه من أداء الجمعة، فإنه يُعذر، وعليه قضاء الصلاة فور استيقاظه.

وأخرج الإمام مسلم في “صحيحه” نحو هذا في قصة نومهم في صلاة الفجر؛ ولفظه: «أَمَا إِنَّه لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ .. إِنَّمَا التَّفْرِيط عَلَى مَنْ لَمْ يصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْت الصَّلَاةَ الْأخْرَى .. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِه لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَد فَلْيصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا».

قضاء الجمعة أن يصلِّيَها المكلف ظهرًا أربع ركعات بالإجماع .. و قال الإمام ابن المنذر في “الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف” (4/ 107، ط. دار طيبة) .. [أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ من فاتته الجمعة أن يصلي أربعًا] اهـ.

من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم دون تقصير أو تهاون لا يكون آثمًا شرعًا، ولكن يجب عليه أن يقضيها ظهرًا بالإجماع.

ومع ذلك، ينبغي على المسلم أن يحرص على أداء صلاة الجمعة في وقتها باتباع وسائل تساعده على ذلك.

على سبيل المثال، النوم مبكرًا وتجنب السهر بلا فائدة، أو ضبط المنبه أو طلب المساعدة من شخص آخر لإيقاظه.

هذا من باب الحرص على أداء الفريضة ونيل الأجر والثواب العظيم .. والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري