
كتب: علي بركات
أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى المولد النبوي الشريف، ومن الطقوس المصرية بهذا اليوم هو شراء حلوى المولد، فما شرعية وحكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها ؟
حيث ظهرت بعض الأقوال التي تدَّعي أنها أصنام، علاوة على أنها بدعة وحرام ولا يجوز للمسلم أن يأكل منها.
كما انه لا يجب أن يشارك في شرائها ولا إهدائها ولا في الأكل منها، فكان هذا رأي دار الإفتاء المصرية:
حكم شراء حلوى المولد النبوي
بينما الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والفرح بها من أفضل الأعمال وأعظم القربات.
ويندب إحياء هذه الذكرى بكافة مظاهر الفرح والسرور، وبكل طاعة يتقرب بها إلى الله عز وجل.
ويَدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحَلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فرحًا منهم بمولده صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبةً منهم لما كان يحبه.
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: “كَانَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يحِبّ الحَلْوَاءَ، وَيحِبّ العَسَلَ” رواه البخاري وأصحاب السنن وأحمد.
فكان هذا الصنيع منهم سنةً حسنة، كما أن التهادي أمر مطلوب في ذاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادوْا تَحَابوْا» رواه الإمام مالك في “الموطأ”.
ولم يَقمْ دليلٌ على المنع من القيام بهذا العمل أو إباحَتِه في وقت دون وقت .. فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى؛ كَإدْخَالِ السّرورِ على أهلِ البيت وصِلة الأرحامِ فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه.
فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولدِ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشَدَّ مشروعيةً وندبًا واستحبابًا .. لأنَّ “للوسائل أحكام المقاصد”.
الرد على دعوى بدعية شراء حلوى المولد
أما الزعم بأن شراء الحلوى في المولد أنها أصنام، وأنها بدعة وحرام، وأنه لا يجوز الأكل منها، ولا إهداؤها .. فهو كلام باطل يدل على جهل قائليه بالشرع الشريف، وضحالة فهمهم لمقاصده وأحكامه.
فإنها أقوال مبتدعة مرذولة لم يَقلْها أحدٌ من علماء المسلمين في قديم الدهر ولا حديثه، ولم يسبَق أصحابها إليها.
ولا يجوز العمل بها ولا التعويل عليها؛ إذ فيها تشبيه للمسلمين المحبين لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالمشركين العاكفين على الأصنام.
الخلاصة
بناءً على ذلك: فشراء الحلوى، والتهادي بها، والتوسعة على الأهل والعيال، وما إلى ذلك من مظاهرِ الفرح الدنيوية المباحة بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلها جائزةٌ شرعًا.
ويثاب المسلم على قصده فيها من محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه .. وفيها فضلٌ عظيم؛ فإن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ومن باب أَوْلَى مشروعية المظاهر الدينية للاحتفال؛ كقراءة القرآن الكريم، وتلاوة السيرة العطرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
علاوة على إحياء مجالس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. والإنشاد والتغني بمدائحه الكريمة وشمائله العظيمة صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما الأقوال التي تحرم على المسلمين الاحتفال بنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم والتعبير عن سرورهم بمولده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم بشتى وسائل الفرح المباحة .. فإنما هي أقوال فاسدة وآراء كاسدة، لم يسْبَقْ مبتدعوها إليها، علاوة على انه لا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها .. والله سبحانه وتعالى أعلم.
Share this content:
إرسال التعليق