رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

ما حُكم قطع صلاة الفرض لأمر هام .. دار الإفتاء المصرية تحسم الجدل

31 يوليو 2025 10:10 م 0 تعليق
حكم قطع صلاة الفرض لأمر هام
حكم قطع صلاة الفرض لأمر هام

كتب: علي بركات

ما حكم قطع صلاة الفريضة لأمر مهم؟ فإذا حدث أمر هام أثناء تأدية المرء إحدى الصلوات الخمس، فهل يسمح له بقطع الصلاة؟

إذا كانت الصلاة فرضًا فإن قطعها للأمور المهمة والمصالح المعتبرة التي لا يمكن تداركها جائز شرعًا، دينية كانت أم دنيوية.

بل قد يصل ذلك إلى حد الوجوب إذا تعلق بنحو: إنقاذ غريق أو إغاثة ملهوف، بخلاف ما لو كان أمرًا يسيرًا، أو كان يمكن تداركه ولو بتخفيف الصلاة.

ومن الأدلة على ذلك: ما رواه الإمام البخاري في “صحيحه”، والإمام أحمد في “مسنده”، وابن خزيمة في “صحيحه”، والحاكم في “المستدرك”: عن الأزْرَق بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: “كنَّا بِالأهْوَازِ نقَاتِل الْحَرورِيَّةَ .. فَبَيْنَا أَنَا عَلَى حَرْف نَهَرٍ إِذَا رَجلٌ يصَلِّي .. وَإِذَا لِجَام دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّة تنَازِعه، وَجَعَلَ يَتْبَعهَا.

قَالَ شعْبَة: هوَ أَبو بَرْزَةَ الأسْلَمِيّ رضي الله عنه، فَجَعَلَ رَجلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقول: اللَّهمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ! .. فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْت قَوْلَكمْ، وَإِنِّي غَزَوْت مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ، أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَوْ ثَمَانِيَ، وَشَهِدْت تَيْسِيرَه .. وَإِنِّي إِنْ كنْت أرجع مَعَ دَابَّتِي، أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِع إِلَى مَأْلَفِهَا، فَيَشقّ عَلَيَّ”.

ومذهب مالك؛ من انفلتت دابته وهو يصلي مشى فيما قرب، إن كانت بين يديه، أو عن يمينه أو عن يساره، وإن بعدت طلبها وقطع الصَّلاة.

ومذهب أصحابنا: لو رأى غريقًا، أو حريقًا، أو صبيين يقتتلان، ونحو ذلك، وهو يقدر على إزالته قطع الصلاة وأزاله، ومنهم من قيده بالنافلة.

والأصح: أنه يعم الفرض وغيره، وقال أحمد – فيمن كان يلازم غريمًا له، فدخلا في الصلاة، ثم فر الغريم وهو في الصلاة-: يخرج في طلبه.

وقال أحمد أيضًا: إذا رأى صبيًّا يقع في بئر، يقطع صلاته ويأخذه .. قال بعض أصحابنا: إنما يقطع صلاته إذا احتاج إلى عمل كثير في أخذه، فإن كان العمل يسيرًا لم تبطل به الصلاة.

وكذا قال أبو بكر في الذي خرج ورأى غريمه إنه يعود ويبني على صلاته. وحمله القاضي على أنه كان يسيرًا. ويحتمل أن يقال: هو خائف على ماله، فيغتفر عمله، وإن كثر] اهـ.

أما قطع الصلاة من أجل إنقاذ النفس المعصومة فهو واجب يأثم تاركه، قال الإمام العز بن عبد السلام الشافعي في “قواعد الأحكام في مصالح الأنام” (1/ 66، ط. مكتبة الكليات الأزهرية):

[تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة .. لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة .. ومعلوم أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك] اهـ.

المعيار في هذا الأمر شخصي، وتحقيق المناط فيه مَرَدّه إلى المصلي نفسه في تحديد ما هو مهمٌّ على جهة الضرورة أو الحاجة.

وفي تحديد ما يتأتى إدراكه وما لا يتأتى، فإذا كان منتظرًا لمكالمة مهمة جدًّا لا يمكن له تدارك المصلحة التي تفوت بفواتها أو تجنب الضرر الذي يترتب على عدم الرد عليها – حسب ما يغلب على ظنه-.

فإنه يجوز له شرعًا قطع الصلاة والرد عليها، مع وجوب أن تقدَّر الضرورة أو الحاجة في ذلك بقدرها.

وعليه بعد ذلك قضاء الصلاة وابتداؤها مرة أخرى .. والله سبحانه وتعالى أعلم.

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري