
كتب: خالد بعد الكريم
في وصية مؤثرة، أوصى بها الشهيد أنس الشريف مراسل قناة الجزيرة أن تنشر بعد استشهاده على صفحته الرسمية، وقال: هذه وصيتي، ورسالتي الأخيرة.
إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي.
وصية الشهيد
بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سندا وصوتًا لأبناء شعبي من فتحت عيني على الحياة في أزقة وحارات مخيم جباليا للاجئين.
وكان أملي أن يمد الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة “المجدل” لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ.
عشت الألم بكل تفاصيله، وذقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوان يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحریف.
عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف.
أوصيكم بفلسطين درة تاج المسلمين، ونبض قلب كل حر في هذا العالم.
أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يمهلهم العمر ليحلموا ويعيشوا في أمان وسلام.
فقد سحقت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران.
تحرير البلاد والعباد
أوصيكم ألا تسكتكم القيود ولا تقعدكم الحدود، وكونوا جسورا نحو تحرير البلاد والعباد حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة.
كما أوصيكم بأهلي خيرًا،
أوصيكم بقرة عيني ابنتي الحبيبة شام التي لم تسعفني الأيام لأراها تكبر كما كنت أحلم.
وأوصيكم بابني الغالي صلاح الذي تمنيت أن أكون له عونا ورفيق درب حتى يشتد عوده، فيحمل عني الهم، ويكمل الرسالة.
أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلت لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي.
أدعو الله أن يربط على قلبها، ويجزيها عني خير الجزاء.
وأوصيكم كذلك برفيقة العمر زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان التي فرقتنا الحرب الأيام وشهور طويلة.
لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت و الأمانة في غيابي بكل قوة وإيمان.
أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل. إن من، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأشهد الله أني راض بقضائه، مؤمن بلقائه، ومتيقن أن ما عند الله خير وأبقى.
اللهم تقبلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، واجعل دمي نورًا يضيء درب الحرية لشعبي وأهلي. سامحوني إن قصرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيت على العهد، ولم أغير ولم أبدل.
لا تنسوا غزة .. ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول.
Share this content:
إرسال التعليق