
كتب: صلاح هليل
في تقرير مطول للأمم المتحدة للإجابة على سؤال هام، كيف يمكن للأمم المتحدة أن تكيّف عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة لتكون أدوات أكثر فعالية في السعي نحو حلول سياسية دائمة؟
وكذلك للإجابة على، ما هي الدروس التاريخية التي يجب استخلاصها لتعزيز قدرة المنظمة على مواجهة التحديات الجديدة؟
تقرير الأمم المتحدة
في تقرير الأمم المتحدة يسلط الضوء على ضرورة تكييف عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة لتكون أكثر فعالية في تحقيق حلول سياسية دائمة.
خلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت اليوم، أكد وكيل الأمين العام لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، على أهمية هذه المناقشات.
في وقت تشهد فيه الأمم المتحدة مراجعة شاملة لمستقبل عمليات حفظ السلام.
أشار لاكروا إلى أن الهدف الأساسي هو تقديم توصيات استراتيجية تتماشى مع ميثاق المستقبل لتعزيز فعالية هذه العمليات وتكييفها لتلبية الاحتياجات المتغيرة.
وأكد أن عمليات حفظ السلام أثبتت بالفعل أنها أدوات رئيسية لدعم الحلول السياسية المستدامة.
وذلك من خلال توفير الضمانات الأمنية، وتسهيل الحوار الوطني الشامل، ودعم التحولات السياسية والاجتماعية.
كما أشار إلى أمثلة ناجحة من تاريخ عمليات حفظ السلام، حيث لعبت دوراً محورياً في الانتقال من الصراعات المسلحة إلى السلام الدائم في دول مثل كمبوديا، تيمور ليشتي، سيراليون، ليبريا، وكوت ديفوار.
هذه التجارب التاريخية تقدم دروساً مهمة يمكن أن تستفيد منها المنظمة في مواجهة التحديات الجديدة وتعزيز قدرتها على تحقيق السلام في المناطق المضطربة.
التركيز الآن ينصب على تطوير استراتيجيات مبتكرة وقابلة للتطبيق لضمان أن تكون عمليات الأمم المتحدة أكثر استعداداً للتعامل مع الأزمات المستقبلية.
علاوة على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في المناطق التي تحتاج إلى دعم دولي.
بيئات النزاع والتقدم الهش
تحدث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة عن التحديات الكبيرة التي تواجه بعثات حفظ السلام في مناطق النزاعات.
حيث أشار إلى الطبيعة المعقدة وغير المؤكدة لعملية حل النزاعات والوساطة فيها.
وأوضح أن هذه البعثات غالبًا ما تعمل في بيئات تتسم بالتقلب الشديد، مما يعوق تحقيق تقدم سياسي مستدام.
ويزيد من تدهور الثقة بين الأطراف المعنية، ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وأكد أن التقدم المحرز في هذا المجال غالبًا ما يكون تدريجيًا وهشًا وغير متساوٍ.
لكنه شدد على أهمية تحقيق حتى المكاسب الصغيرة، كونها تلعب دورًا حاسمًا في منع العودة إلى العنف واسع النطاق وإنقاذ الأرواح.
وفي سياق تعزيز فعالية بعثات حفظ السلام لتحقيق الحلول السياسية، أشار إلى ثلاثة مجالات رئيسية يجب التركيز عليها لضمان نجاح هذه البعثات.
الحماية والحلول السياسية
وأشار التقرير إلى دور بعثات الأمم المتحدة في حفظ السلام وتعزيز الحلول السياسية في سياق النزاعات العالمية.
وكذلك، أهمية التوازن بين النهجين السياسي والحمائي لضمان تحقيق السلام المستدام، مع التركيز على الدروس المستفادة من التاريخ الطويل لهذه البعثات.
أشار جان بيير لاكروا أن بعثات حفظ السلام تساهم بتوفير الحماية اللازمة لدعم الحلول السياسية، مما يعزز فرص تحقيق السلام.
وأكد أن الحماية تفسح المجال للحلول السياسية، بينما تعمل الحلول السياسية على تعزيز الحماية، مما يتطلب اتباع نهج متكامل يجمع بين السياسة والحماية.
دور بعثات الأمم المتحدة
من جهة أخرى، سلطت مارثا بوبي مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا الضوء على الدور المحوري للبعثات السياسية الخاصة للأمم المتحدة.
وذلك في مساعدة الدول الأعضاء على اجتياز التحولات السياسية وتعزيز الأمن والسلام.
وأشارت إلى نجاحات تاريخية مثل دعم الأمم المتحدة لجنوب أفريقيا في إنهاء الفصل العنصري.
حيث ساعدت في مراقبة الانتخابات التي أدت إلى انتخاب نيلسون مانديلا وتأسيس مجتمع ديمقراطي متعدد الأعراق.
وقدمت بوبي خمسة دروس رئيسية من تجارب الأمم المتحدة السابقة:
1. تحديد أهداف زمنية واضحة ومهام سياسية ذات أولوية.
2. استخدام المساعي الحميدة للأمين العام بشكل استباقي.
3. إطلاق البعثات بدعم من مجلس الأمن أو من خلال جهود دبلوماسية سرية.
4. تصميم بعثات مرنة وسهلة الانتشار واقتصادية.
5. ضمان موافقة الدول الأعضاء على العمل السياسي، خاصة في ظل تنامي الشكوك تجاه الفاعلين الخارجيين.
ومع ذلك، أشارت بوبي إلى التحديات المعقدة التي تواجه عمليات السلام اليوم، مثل انتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية.
واستخدام التقنيات الحديثة كأسلحة، وزيادة النزاعات العابرة للحدود بسبب الجريمة المنظمة وتغير المناخ.
كما أن التنافس الجيوستراتيجي المتزايد يصعّب التعاون الدولي، مما يستدعي التفكير في مستقبل عمليات السلام.
ولتعزيز فعالية البعثات السياسية الخاصة، حددت بوبي ثلاث أولويات رئيسية:
1. مضاعفة الجهود الدبلوماسية وصنع السلام عبر الحوار والسياسة.
2. الاستجابة لاحتياجات الدول المضيفة وضمان دعمها.
3. تصميم بعثات مرنة تحافظ على تركيزها السياسي الأساسي.
في هذا السياق، أكدت بوبي أن البعثات السياسية تهدف إلى السعي نحو حلول سياسية بغض النظر عن شكلها.
مشيرة إلى أمثلة مثل القضاء على الأسلحة الكيميائية في سوريا وتعزيز المساءلة عن جرائم داعش في العراق.
الإرادة حاسمة في صون السلام
سلط زيد رعد الحسين رئيسا للمعهد الدولي للسلام، الضوء على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في تحقيق السلام والأمن العالميين.
مشيراً إلى أن الإرادة السياسية هي المفتاح الأساسي لتحقيق ذلك، حتى في ظل الأزمات الجيوسياسية المعقدة.
وقد استشهد بتجربة الأمين العام الأسبق داغ همرشولد خلال أزمة الشرق الأوسط عام 1958.
حيث أظهر قيادة استثنائية من خلال توسيع بعثات مراقبي الأمم المتحدة بشكل مبتكر وتفاوضه على حلول دبلوماسية في لبنان والأردن، رغم التوترات الناتجة عن الحرب الباردة.
وأبرز زيد أهمية القيادة الاستباقية والدبلوماسية الجماعية، مشيراً إلى ضرورة تبادل الأفكار بشكل ديناميكي داخل الأمم المتحدة وخارجها.
وأكد أن التحديات التي تواجه العالم اليوم قد تكون مختلفة، لكن الدروس المستخلصة من التجارب السابقة – مثل الإبداع والشجاعة والتعاون – تبقى ضرورية لتحقيق النجاح في مواجهة هذه التحديات.
المصدر: الأمم المتحدة
Share this content:
إرسال التعليق