رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

العالم يودع البابا فرنسيس بجنازة مهيبة ومراسم دفن متواضعة

26 أبريل 2025 8:01 م 0 تعليق
العالم يودع البابا فرنسيس
العالم يودع البابا فرنسيس

أ ش أ

العالم يودع البابا فرنسيس، وفي أقل من أسبوع واحد احتفلت روما بقيامة السيد المسيح، وبعيد ميلادها، بعد أن كان انطفأ حبر أعظم بين جدرانها، ثم بالذكرى الثمانين لتحريرها من الفاشية والنازيين.

وراحت تستعد لوداع أسقفها الأرجنتيني الذي أطلق حملة إصلاحية غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية التي أعادها إلى جذورها، ورفع لواء الدفاع عن الفقراء والمهمشين والمهاجرين.

في الثامنة من مساء الجمعة، وبعد أن كانت تقاطرت الناس طوال ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ لتلقي النظرة الأخيرة على فرنسيس في نعشه باللباس الأبيض والحذاء الأسود العتيق، توجَّه رئيس المراسم في الفاتيكان.

ووفقاً للتقاليد الفاتيكانية الصارمة، وضع وشاحاً من الحرير الأبيض على وجه البابا، ثم ترك بجانبه كيساً من النقود والميداليات التي صكّت في عهده، وأنبوباً مختوماً من المعدن بداخله نص مكتوب باللاتينية يلخّص حياة البابا الراحل وأفعاله، جرت العادة لاحقاً أن يكشف الفاتيكان عن مضمونه.

وفي تمام الساعة العاشرة من صبيحة هذا السبت الربيعي، بدأت مراسم جنازة البابا فرنسيس بحضور ممثلين عن 146 دولة، يتقدمهم الرئيس الإيطالي سرجيو ماتاريلا، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأميركي دونالد ترمب، والعاهل الإسباني فيليبي السادس، والأرجنتيني خافيير ميلي، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرّيش، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين.

ولأسباب لم يكشف عنها أجرت مديرية المراسم في الفاتيكان بعض التعديلات في اللحظات الأخيرة على توزيع المقاعد التي جلس عليها القادة الحاضرون في الكاتدرائية، وخصص مقعدان في الصف الأول للرئيس الأميركي وزوجته، وبجانبه الرئيس الفنلندي ثم العاهل الإسباني والملكة ليتيسيا والرئيس الفرنسي برفقة عقيلته.

كما جلس في الصف الأول أيضاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي كان قد استقبله الجمهور المحتشد في باحة القديس بطرس بالتصفيق لدى وصوله، علماً أن حضوره لم يكن مؤكداً بسبب التطورات الميدانية للحرب الدائرة في بلاده.

أول الوافدين إلى كاتدرائية القديس بطرس هذا الصباح كان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن برفقة زوجته، فيما كانت الجموع تتقاطر إلى الباحة الخارجية التي احتشد فيها زهاء ربع مليون شخص جاؤوا لوداع الرجل الذي قال: «الذين يفكرون في بناء الجدران وليس الجسور، ليسوا من اتباع المسيح».

أقوياء العالم وكباره من رؤساء دول وملوك توزعوا على الصفوف الأمامية، وعلى مسافة أمتار قليلة منهم جلس أولئك الذين أمضى البابا فرنسيس معظم أوقاته بينهم، من فقراء ومهاجرين ومحتاجين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب غادر بعد ساعتين ونصف الساعة من نهاية الجنّاز بعد أن التقى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، واجتمع لمدة ربع ساعة بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي داخل حرم الفاتيكان، واتفق مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين على عقد لقاء قريب، لكن من غير مشاركة قادة البلدان الأعضاء.

واجتمع زيلينسكي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم التقى رئيس الوزراء البريطاني ستامر في دار السفير البريطاني.

والتقت رئيسة الوزراء الإيطالية الرئيس الأوكراني لما يزيد على الساعة، وتناولت طعام الغداء مع الرئيس الأرجنتيني جافيير ميلي، بعد أن كانت اجتمعت مساء الجمعة برئيس الوزراء المجري فكتور أوربان، ثم برئيس الوزراء البريطاني ستارمر.

وتوقفت ميلوني في تصريحات أدلت بها في نهاية الجنازة عند ما وصفته بالمشهد الأكثر تعبيراً قائلة: «العبرة الكبرى هي في لقاء ترمب وزيلينسكي يتحدثان حول السلام في جنازة بابا السلام».

وبعد أن شكرت الرئيس الأوكراني على ما أبداه من استعداد لإنهاء الحرب، قالت: «على موسكو الآن أن تظهر حسن نواياها».

بعد الجنازة غادر جثمان البابا حاضرة الفاتيكان محمولاً على عربة النعش في «الطريق الباباوية» التي كان أحبار الكنيسة يسلكونها في القرون الوسطى على صهوات الخيول بعد انتخابهم، ليتسلموا مقاليد السلطة الروحية والزمنية في بازيليك القديس يوحنا اللاتراني.

وفي الطريق التي يبلغ طولها 6 كيلومترات من الفاتيكان إلى كاتدرائية السيدة الكبرى «سانتا ماريّا ماجوري»، كانت الجموع، التي قدّرتها الشرطة بما يزيد على المليون، تلقي تحية الوداع الأخير على البابا الذي أهداه إيطاليون كثر يوم الجمعة احتفالات الذكرى الثمانين بالنصر على الفاشية، مستذكرين قوله «سرق الشيوعيون منا راية الفقراء».

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري