رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

ما هو حكم الحج عن الغير تبرعًا .. دار الإفتاء المصرية تحسم الجدل

6 يونيو 2025 3:08 م 0 تعليق
مساعدة الفقراء.. أم حج بيت الله الحرام؟
مساعدة الفقراء.. أم حج بيت الله الحرام؟

كتب: طه عبد الفتاح

ما حكم الحج عن الغير تبرعًا ؟ .. هذا من الأسئلة التي تدور في ذهن الكثيرين هذه الأيام المباركة من شهر ذي الحجة.

بينما يسأل سائل، كنت قد حَجَجت عن نفسي مِن قَبْل، وفي هذا العام كان لي صديق مريضٌ، فقمت بمشاورته بأن أحجَّ عنه مع تحملي لنفقة السَّفَر.

فهل يشترط أن يشاركني صديقي في النفقة، أو يجوز لي أن أحجَّ عنه دون مساهمةٍ منه في نفقة الحج؟

الحج من العبادات التي أناطها الله سبحانه وتعالى بالاستطاعة، وأَمَّا العاجز الذي لا يرجَى زوال عجزه إذا وَجَد مَن ينوب عنه في أداء الفريضة.

فيجوز -على المختار للفتوى- أن ينيب غيره عنه في أداء الفريضة، بناء على ما صَرَّح به الحنفية والشافعية والحنابلة من مشروعية النيابة في الحج إذا توافرت شروطها.

والتي منها: أن يكون المحجوج عنه عاجزًا عن أداء الحج بنفسه، ووافقهم في ذلك المالكية في قولٍ.

والأصل في جواز النيابة عن الغير في الحج: ما ورد عن أبي رَزِينٍ العقَيْلِي رضي الله عنه قال:

قلت: يا رسول الله، إنَّ أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحجَّ ولا العمرة ولا الظَّعْن، قال:

«حجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه في “سننهم”، وأحمد في “مسنده”، والحاكم في “المستدرك”، وقال: “هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يخَرِّجَاه”.

وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: بَيْنَما أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ، إِذْ أَتَتْه امْرَأَةٌ.

فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْت عَلَى أمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: فَقَالَ: «وَجَبَ أَجْركِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاث”.

قَالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ، إِنَّه كَانَ عَلَيْهَا صَوْم شَهْرٍ، أَفَأَصوم عَنْهَا؟ قَالَ: “صومِي عَنْهَا”، قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحجَّ قَطّ، أَفَأَحجّ عَنْهَا؟ قَالَ: “حجِّي عَنْهَا» رواه مسلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم سَمِعَ رَجلًا يَقول: لَبَّيْكَ عَنْ شبْرمَةَ.

قَالَ: «مَنْ شبْرمَة؟” قَالَ: أَخٌ لِي -أَوْ قَرِيبٌ لِي- قَالَ: “حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟” قَالَ: لَا. قَالَ: “حجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثمَّ حجَّ عَنْ شبْرمَةَ» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه في “سننهم”.

بينما أجاز النبي صلى الله عليه وسلم النيابةَ في الحج عن الغير بالسّنَّةِ القوليةِ والتقريريةِ، وذلك باعتبار عجز الواجب عليه الحج أن يؤديه بنفسه.

على ذلك: فإنَّ النيابة عن الحي في الحج جائزةٌ شرعًا، مع اشتراط كون المحجوج عنه عاجزًا عن الحج بنفسه.

وأن تكون النيابة بإذن مسْبقٍ منه، ولا يشترط أن تكون نفقة الحجِّ من مال العاجز عن الحجِّ، فمن حجَّ عن غيره وكانت النَّفقة من ماله وليست مال الشخص العاجز.

فالحجّ صحيحٌ حينئذٍ؛ أخذًا بما ذهب إليه الشافعية في أحد الوجهين، وعملًا بما قَرَّره الأصوليون من أنَّ تصرّفات المكلفين وأفعالهم بعد صدورها منهم محمولة على ما صحَّ من مذاهب المجتهدين وأقوالهم.

ومتى وافق عمل العامي قول أحد المجتهدين ممَن يقول بالصحة أو الحل كفاه ذلك، ولا إثم عليه باتفاق العلماء.

لذا، لا يشْتَرط أن يشاركَكَ صديقك في نفقة الحج عنه، سواءٌ كانَ الحجّ فَرْضًا أو نفلًا، مع اشتراط إذنٍ مسبقٍ منه قَبْل الحَجِّ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري