رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام
د/ محمد الحسيني

الفن القبطي مرحلة هامة من مراحل الفن المصري/ تقرير شامل

الفن القبطي في مصر
الفن القبطي في مصر

كتب: إبراهيم البيك

اهتم مصور الفن القبطي بإبراز الحقبة القبطية في مصر، فهي تمثل مرحلة غنية ومهمة من تاريخ البلاد، وأثرت بشكل كبير في الحالة الفنية.

حيث بدأت في القرن الأول الميلادي وتداخلت بشكل كبير مع جذور الحضارة الفرعونية.

اللغة القبطية، التي تعد آخر تطور للغة المصرية القديمة، لا تزال حاضرة في طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وتظهر كلماتها في الحياة اليومية للفلاحين المصريين الذين يعتمدون على التقويم القبطي في زراعة أراضيهم.

التراث القبطي تأثر بوضوح بالثقافة المصرية القديمة، وبرز هذا التأثير في الفن القبطي والأدب، وكذلك في الهوية الثقافية والدينية للأقباط.

والفنان القبطي القديم لعب دوراً مهماً في تعزيز الحوار بين الحضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية، مما ساهم في نشر قيم التعايش والتسامح بين الثقافات المختلفة.

من أبرز الدراسات التي تناولت هذا التراث، رسالة الدكتوراه التي أعدها الأنبا مارتيروس، الأسقف العام لكنائس شرق السكة الحديد.

والتي تناولت موضوعات مصورة وأساليبها الفنية في المخطوطات القبطية من القرن العاشر إلى القرن الخامس عشر، ضمن علم الكوديكولوجي.

تناولت الدراسة تأثير المتغيرات السياسية والاجتماعية على تطور الفن القبطي، خاصة في تصاوير المخطوطات خلال الفترة من القرن العاشر إلى القرن الخامس عشر الميلادي.

وكيف تأثرت هذه الفترة بمحاولات استقرار الحكم الإسلامي وظهور الحضارة الإسلامية بجانب الحضارة القبطية.

مما أدى إلى اختفاء التأثيرات الهلينية والرومانية وتراجع استخدام اللغة القبطية لصالح اللغة العربية.

كما تشير تصاوير المخطوطات خلال هذه المرحلة ركزت على موضوعات دينية مثل حياة ومعجزات السيد المسيح والبشارة والعائلة المقدسة، مع تأثرها بعناصر الفن العربي والطبيعة المحورة.

ومع ذلك، تعرض الفن القبطي لتراجع كبير نتيجة الكوارث الطبيعية وصراعات القوى المملوكية.

مما أدى إلى انهدام الأديرة والكنائس وصعوبة إعادة بنائها، وبالتالي تقلص دور فن التصاوير في المخطوطات القبطية.

الرسالة التي تناولت هذا الموضوع قسمها الباحث إلى ثلاثة أبواب، حيث ركز الباب الأول على تأثير المتغيرات السياسية وفترات الحكم على تصاوير المخطوطات.

ويشمل هذا الباب نبذة تاريخية عن تطور الرسومات بالمخطوطات قبل القرن العاشر الميلادي، مع الإشارة إلى دور المنسخات بالأديرة والكنائس في نسخ الكتب وتزيينها بالتصاوير الرمزية التي بدأت مع ظهور المسيحية في مصر.

البحث يتحدث عن تطور التصاوير في المخطوطات القبطية عبر العصور المختلفة، بدايةً من العصر الطولوني وحتى العصر المملوكي.

مع التركيز على الجوانب الفنية والتقنيات المستخدمة في تلك الفترات. يشمل النص النقاط التالية:

أولًا – التطور التاريخي

تناول البحث تطور التصاوير في المخطوطات القبطية خلال العصور الطولونية، الأخشيدية، الفاطمية، الأيوبية، والمملوكية.

وأشار إلى تأثير الاستقرار الاجتماعي في بعض الفترات على ازدهار فن التصاوير.

ثانيًا – اللغة القبطية والعربية:

ذكر النص كيف بدأت اللغة العربية تحل محل القبطية في أواخر القرن الثاني عشر، وكيف حاول الأنبا ميخائيل أسقف دمياط استرجاع اللغة القبطية دون نجاح يُذكر.

مما أدى إلى انتقال الأقباط إلى تدوين كتبهم بالعربية مع الحفاظ على النصوص القبطية الأصلية.

ثالثًا – التقنيات الفنية:

أنواع الورق: استخدم الأقباط ورق البردي في البداية، ثم انتقلوا إلى الرق وجلد الحيوان، ولاحقًا إلى ورق الكاغد الذي انتشر منذ القرن العاشر.

الأحبار والأدوات: الأحبار كانت تُصنع من مصادر معدنية وعضوية، إما محليًا في الأديرة أو في مصانع خاصة، وأحيانًا كانت تُستورد.

الأساليب الفنية: التصاوير القبطية تميزت بالبساطة والقداسة، مع استخدام البعد الأول والزخارف لإبراز الموضوعات الدينية.

رابعًا – الموضوعات الفنية:

ركزت التصاوير القبطية على موضوعات دينية محددة تعزز العقيدة المسيحية، مع اهتمام متزايد بموضوعات العهد الجديد.

كما أشار النص إلى أسباب انعدام التصاوير في بعض الفترات مثل القرنين الرابع عشر والخامس عشر.

خامسًا – مقارنة فنية:

أوضح البحث أوجه التشابه والاختلاف بين التصاوير القبطية والمدرسة العربية في مصر خلال الفترة من القرن العاشر وحتى القرن الخامس عشر.

يتناول البحث دراسة المخطوطات القبطية من حيث الموضوعات المصورة والتأثيرات الفنية واللاهوتية المرتبطة بها.

ويركز الباحث على تحليل تصاوير العهدين القديم والجديد، مع الإشارة إلى ندرة تصاوير العهد القديم وكثرة تصاوير العهد الجديد نتيجة توجه الكنيسة في فترة معينة لترجمة النصوص المقدسة إلى العربية.

كما يعرض النص دراسة تصاوير الشهداء والقديسين، بما في ذلك القديسين غير المعروفين، مع تحليل السمات الفنية المستخدمة.

ويتطرق البحث أيضًا إلى تطور المواد المستخدمة في الكتابة والتصوير، بدءًا من أوراق البردي إلى الجلد (الرق) ثم الورق (الكاغد).

مع مقارنة تكلفة هذه المواد. ويشير إلى تأثر المخطوطات القبطية بالفن المصري القديم مع بعض الاختلافات، مثل تقليل النصوص المصاحبة.

بالإضافة إلى استخدام أساليب مختلفة في رسم الوجوه وإبراز الحركة.

كما يبرز الباحث دور المصور القبطي في التعبير عن المشاعر والحركة من خلال التفاصيل الدقيقة مثل ميل الرأس أو حركة الحواجب والفم، رغم الجمود الظاهري في بعض التصاوير.

وأخيرًا، يقدم الباحث قاموسًا للمصطلحات الفنية وجدولًا يحتوي على معلومات تفصيلية عن التصاوير التي تم جمعها من مصادر متعددة.

فن التصوير

والبحث يتحدث عن تطور فن التصوير في المخطوطات القبطية وتأثيرات البيئة التاريخية والاجتماعية على هذا الفن.

ومن خلاله، يمكننا استنتاج بعض النقاط المهمة:

1. برع الأقباط في استخدام الألوان الطبيعية المستخلصة من مصادر مختلفة، مثل الأحجار والنباتات والحيوانات البحرية، لإثراء تصاوير المخطوطات.

2. تأثرت طريقة التدوين القبطي بالأسلوب الفرعوني، حيث كانت التصاوير ترافق النصوص لتوضيح المعاني.

3. ظهرت بعض الأخطاء الإملائية نتيجة تراجع استخدام اللغة القبطية تدريجياً وحلول اللغة العربية مكانها.

4. حرص المصورون الأقباط على توضيح العقيدة الأرثوذكسية في أعمالهم، مع وجود بعض الاستثناءات التي تأثرت بتيارات إيمانية أخرى.

5. لم يتم العثور على مخطوطات مصورة من القرنين الرابع عشر والخامس عشر بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها الكنيسة القبطية خلال حكم المماليك الشراكسة وانتشار الأوبئة والمجاعات.

أخيرًا: البحث يؤكد على أهمية دراسة المخطوطات القبطية لفهم تطور الفن القبطي وتأثير الظروف التاريخية عليه.

بالإضافة إلى ضرورة التمييز بين الأفكار الإيمانية المختلفة التي ظهرت في تلك الفترة.

Share this content:

إرسال التعليق

مقالات أخري