
كتب: أحمد جمال
شارع المعز لدين الله هو أحد أبرز معالم القاهرة التاريخية، ويعتبر متحفاً مفتوحاً يضم مجموعة رائعة من الآثار الإسلامية التي تعكس تطور العمارة والفنون الإسلامية عبر العصور.
يمتد لمسافة حوالي كيلومتر واحد من شارع الأزهر إلى باب الفتوح، ويعود تاريخه إلى عام 969 ميلادي عندما أُسس في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله.
كان الشارع يُعرف بأسماء متعددة، مثل الشارع الأعظم وشارع بين القصرين، وكان شاهداً على العديد من الاحتفالات والمواكب التاريخية.
ويمر بالعديد من المناطق الشهيرة مثل خان الخليلي والنحاسين والصاغة، وينتهي عند باب زويلة.
في هذا التقرير نتعرف على أهم وأبرز ملامح هذا الشارع التاريخي الكبير:
جامع الحاكم بأمر الله
جامع الحاكم بأمر الله هو أحد أبرز المعالم الإسلامية في القاهرة، وقد شيده العزيز بالله الفاطمي عام 380 هـ – 990 م.
لكن وفاة العزيز حالت دون اكتمال البناء، ليقوم ابنه الحاكم بأمر الله بإتمام الجامع، ومن هنا جاءت تسميته بالجامع.
يتميز الجامع بمساحته الشاسعة، حيث يبلغ طوله 120.5 متراً وعرضه 113 متراً، مما يجعله ثاني أكبر مساجد القاهرة بعد جامع ابن طولون.
علاوة على أنه يشتهر بمئذنتيه الفريدتين ومدخله الأثري البارز، الذي يُعد الجامع أول مدخل من نوعه في العمارة الإسلامية.
بالإضافة إلى أن الجامع يغطي المدخل قبو أسطواني، وينتهي بباب عرضه يزيد عن مترين.
علاوة على أن المدخل يزدان ببقايا نقوش رائعة الصنع على جانبيه، مما يعكس جمال ودقة الفن الإسلامي في تلك الحقبة.
باب زويلة
باب زويلة هو أحد أبواب مدينة القاهرة القديمة، ويُعتبر الباب من أبرز المعالم التاريخية في مصر.
يعود تاريخ بنائه إلى العصر الفاطمي في القرن الحادي عشر الميلادي، وقد كان يستخدمه المصريون كبوابة رئيسية لدخول المدينة.
علاوة على أنه يتميز بتصميمه المعماري الرائع والمآذن التي تعلوه، والتي تُتيح إطلالة رائعة على المدينة.
بالإضافة إلى أنه يحمل باب زويلة أهمية تاريخية كبيرة، حيث كان شاهداً على العديد من الأحداث التاريخية التي مرت بها القاهرة.

مسجد باب الفتوح
باب الفتوح هو أحد البوابات التاريخية البارزة لأسوار القاهرة الفاطمية، وقد تم بناؤه في عام 480 هـ (1087م) بأمر من الوزير بدر الجمالي بهدف تعزيز السيطرة على مداخل المدينة.
يتميز الباب بتصميم معماري فريد، حيث يتكون من برجين بواجهات مستديرة، وكتلة مدخل عميقة تفصل بين البرجين.
يعلو المدخل عقد نصف دائري مزخرف بزخارف نباتية وهندسية، مما يضفي عليه طابعاً جمالياً مميزاً.
علاوة على أن البرجان مبنيان من الحجر، ويتميزان بجزء مصمت يصل إلى ثلثي ارتفاعهما، بينما تعلوهما غرف دفاعية.
بالإضافة إلى أنه يحتوي كل برج على فتحتين كبيرتين محاطتين بحلية من أسطوانات صغيرة. يمتد ثلث الكتلة البنائية للباب خارج الأسوار.
بينما يقع الثلثان الآخران داخل المدينة، مما يعكس عبقرية التصميم الدفاعي والهندسي في ذلك العصر.
جامع الأقمر
هو أحد التحف المعمارية الإسلامية في القاهرة، وقد أمر بإنشائه الخليفة الآمر بأحكام الله أبو علي المنصور بن المستعلي بالله، وتم تكليف وزيره المأمون البطائحي بالإشراف على بنائه.
انتهى بناء الجامع في عام 1125م، ويظهر اسم الخليفة ووزيره على الواجهة الرئيسية.
تم بناء الجامع في حي النحاسين على موقع دير قديم يُعرف بدير العظام، ويتميز بلونه الأبيض الذي يشبه لون القمر، مما أكسبه اسمه.
علاوة على أنه الرغم من حجمه الصغير، إلا أنه يُعتبر من أبرز الأمثلة على العمارة الإسلامية الرائعة في القاهرة.
يُعد جامع الأقمر فريداً من نوعه بسبب انخفاض مستواه عن سطح الأرض، وهو أول مسجد في القاهرة تُصمم واجهته لتوازي خط تنظيم الشارع بدلاً من أن تكون موازية للصحن.
علاوة على أنه يساعد في توجيه القبلة بشكل صحيح. يتكون تصميم الجامع من صحن صغير محاط برواق واحد من ثلاثة جوانب.
ومن أبرز معالمه المعمارية وجود العقد المعشق في مدخله، وهو عنصر معماري ظهر لاحقاً وانتشر في العمارة المملوكية، في القرن الخامس عشر الميلادي.

مسجد ومدرسة السلطان برقوق
مسجد ومدرسة السلطان برقوق هو أحد المعالم الإسلامية البارزة في القاهرة التاريخية.
يقع في منطقة شارع المعز لدين الله الفاطمي، ويعود تاريخ بنائه إلى العصر المملوكي.
علاوة على أنه تم تشييده في عهد السلطان الظاهر برقوق بين عامي 1384 و1386 ميلاديًا.
بالإضافة إلى أنه المسجد والمدرسة يتميزان بتصميمهما المعماري الرائع الذي يجمع بين الفنون الإسلامية والزخارف الدقيقة.
ويعتبران شاهدًا على روعة الحضارة الإسلامية في تلك الحقبة.
قصر الأمير بشتاك
هو أحد المعالم التاريخية الهامة التي تعود إلى العصر المملوكي، حيث تم إنشاؤه في عام 740 هـ (1334 م)،
ويتميز القصر بتصميمه المعماري الفريد الذي يجمع بين العمارة الخارجية والداخلية المميزة.
يتكون القصر من ثلاث واجهات رئيسية:
الشمالية الغربية التي تطل على شارع المعز لدين الله.
بالإضافة إلى الجنوبية الغربية المطلة على حارة بيت القاضي، وكانت تحتوي على المدخل الرئيسي للقصر.
أما الشمالية الغربية الأخرى المطلة على درب قرمز، والتي تحتوي على المدخل الحالي.
أما من الداخل، فتبدأ الجولة من مدخل يؤدي إلى درج يصل إلى الطابق الثاني.
بينما يتفرع من الجانب الآخر، باب يؤدي إلى الإسطبل المخصص للخيول، ويعلوه غرف لإقامة العاملين في الإسطبل.
الطابق الثاني يحتوي على القاعة الرئيسية المعروفة بقاعة الاحتفالات، وهي مزينة بأربعة إيوانات وغرف ملحقة.
أما الطابق الثالث، فهو مخصص للحريم ويُعرف بقاعة الحرملك، التي تطل على قاعة الاحتفالات من خلال أحجبة تتيح للسيدات متابعة الفعاليات دون أن يتمكن أحد من رؤيتهن.
يضم القصر أيضًا مسجد الفجل، وله مدخلان: أحدهما من شارع المعز، والآخر من درب قرمز.
مسجد سليمان أغا السلحدار
في عهد محمد علي باشا الكبير بدأ الأمير سليمان أغا السلحدار في تشييد المسجد عام 1253هـ – 1837م.
وقد شيد المعماريون المسجد على طريقة المساجد العثمانية، ويقع المسجد بشارع المعز لدين الله على يسار السائر به في اتجاه باب الفتوح، وهو أحد أروع المساجد الاثرية بطرازه المعماري .
بالإضافى إلى ان المسجد مقسم الى ثلاثة أروقة، وملحق به سبيل ماء وكُتاب لتعليم القرآن الكريم والشئون الدينية، وعدة حجرات أهمها حجرة السبيل.
علاوة على أن الوجهة الرئيسية للمباني والمشرفة على شارع المعز لدين الله تشرف على وجهات المسجد والمدرسة والسبيل، وبها عند نهايتها القبلية بوابة مقامة على مدخل حارة برجوان.
وجميعها مبنية بالحجر وتنتهي من أعلى بأرفف خشبية بزخارف بارزة، ويكسو واجهة السبيل رخام أبيض به زخارف وكتابات عثمانية .
مدرسة الظاهر بيبرس البندقداري
المدرسة التي أنشأها الظاهر بيبرس البندقداري عام 660 هجرية في شارع المعز، هي واحدة من أبرز معالم العصر المملوكي.
كانت تقع بجوار مدفن الصالح نجم الدين أيوب، وتميزت بكونها واحدة من أكبر المدارس في ذلك العصر.
صمم المعماريون المدرسة لتحتوي على صحن أوسط مكشوف، وأربعة مداخل في أركان الصحن تؤدي إلى السبيل الملحق بها ودورات المياه وحجرات الطلبة.
علاوة على أنه للأسف، لم يتبقَ من هذه المدرسة، سوى الإيوان الشمالي الشرقي وحجرة السبيل، مما يعكس جزءًا بسيطًا من عظمتها الأصلية.

مجموعة قنصوة الغوري
تمثل المجموعة واحدة من أبرز المعالم الأثرية الإسلامية بالقاهرة، وقد بنى المعماريون المجموعة في عام 909هـ (1504م).
تضم المجموعة مسجدًا ومدرسة ومنزلًا وسبيلًا وكُتابًا، وتقع عند تقاطع شارعي الغورية والمعز لدين الله، في حي الغورية بالقاهرة.
يتسم المسجد بتصميمه المميز حيث يحتوي على ثلاث واجهات، وأهمها الواجهة الشرقية المطلة على شارع المعز لدين الله.
علاوة على أن الواجهة تضم المدخل الرئيسي للمسجد، الذي يقع أسفله دكاكين، ويعلوه طراز مزخرف يحمل آية قرآنية وأسماء وألقاب السلطان الغوري مكتوبة بالخط المملوكي.
المسجد بناه المعماريون على طراز المدارس ذات التخطيط المتعامد، حيث يتوسطه صحن محاط بأربعة إيوانات، أبرزها إيوان القبلة والمقابل له.
بالإضافة إلى أن واجهة القبة مواجهة لواجهة المسجد، وتتميز بشرفات مزخرفة بنقوش محفورة في الحجر.
وفي نهايتها البحرية، يوجد سبيل يحتوي على ثلاث نوافذ كبيرة محاطة بمصبعات حديدية، وأرضيته مكسوة بالرخام.
يعلو السبيل كُتاب مفتوح من ثلاث جهات، مدعوم بعقود محمولة على عمود مركزي ومغطى السبيل برفرف خشبي مثبت بكوابيل خشبية.
هذه المجموعة المعمارية، تعكس روعة العمارة الإسلامية في عصر المماليك، وتعد شاهدًا على تاريخ وثقافة تلك الحقبة الزاخرة.
جامع السلطان المؤيد
هو أحد المعالم الإسلامية البارزة، التي تعكس روعة العمارة المملوكية في القاهرة.
أنشأه المعماريون عام 818 هـ (1415م) ويقع في شارع المعز لدين الله، تحديداً بجوار باب زويلة.
علاوة على أن الجامع يتميز بتصميمه الفريد الذي يضم صحنًا مفتوحًا محاطًا بأربعة أروقة، مع التركيز على الرواق القبلي الأعمق والأكبر، والذي تغطي جدرانه زخارف من الرخام الملون.
من أبرز معالم الجامع مئذنتاه اللتان شيدهما المعماريون فوق برجي باب زويلة، وهما مميزتان بتصميمهما المزركش والمحفور على ثلاثة مستويات.
الواجهة الشرقية هي الواجهة الرئيسية، وتضم مدخلاً شاهقاً مزيناً بالرخام ويُوصل إليه عبر سلم مزدوج.
علاوة على أن القبة تقع على يسار المدخل، وهي مبنية من الحجر وتحتوي على أرضية من الرخام الملون.
القبة تضم مدفنين، أحدهما للسلطان المؤيد والآخر مخصص لأبنائه، مما يجعل الجامع ليس فقط مكاناً للعبادة بل أيضاً شاهداً على التاريخ.
مسجد محمد بن قلاوون
يقع المسجد والمدرسة الناصرية في شارع المعز لدين الله، بين قبة الملك المنصور قلاوون ومسجد برقوق.
أنشأهما الملك العادل كتبغا المنصوري عام 695 هـ (1295م)، ولكنه لم يكتمل بسبب عزله.
تولى الناصر محمد بن قلاوون الحكم عام 698 هـ (1299م) وأمر بإتمام البناء، الذي اكتمل في عام 703 هـ (1304م) ونُسب إليه.
المسجد مصمم على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، حيث يتوسطه صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات.
علاوة على أنه لم يبق من المسجد سوى اثنين: إيوان القبلة والإيوان المقابل له.
بالإضافة إلى أن إيوان القبلة بقى المحراب بعموديه الرخاميين وطاقيته المزخرفة بزخارف بارزة ومفرغة، والتي تعكس براعة الفن المملوكي.
يوجد باب على يمين الداخل إلى الصحن يؤدي إلى القبة، لكن لم يبق منها سوى رقبتها وبعض أركانها.
علاوة على أن واجهة المسجد مبنية من الحجر وتحتفظ بمعالمها القديمة، حيث تحتوي على ثلاثة شبابيك بأسفلها تعلوها عقود مزخرفة محفورة في الحجر.
أبرز ما يميز الواجهة هو الباب الرخامي ذو الطراز القوطي، الذي كان في الأصل جزءاً من كنيسة في عكا.
أخيرًا، بعد فتح عكا على يد الأشرف خليل بن قلاوون عام 690 هـ (1291م)، نقل المعماريون الباب إلى القاهرة، وتم وضع في المسجد أثناء إنشائه في عهد الملك العادل كتبغا.
Share this content:
إرسال التعليق